اليوم السّادس عشر: السعادة ومشتقّاتها

دعوني أن أبدأ الخاطرة بشيءٍ مضحك، علىٰ الأقل بالنسبة لي، منذ أن قدمتُ إلىٰ تركيا، وعاشرتُ جماعة المتصوّفة لسنةٍ أو جوارها، لُصِق في ذهني معنىٰ السعادة بأمرٍ آخر، أنهم كانوا إذا تحادثوا في مسألة التاريخ، كانوا يشيرون كما هم عامة الترك إلىٰ عصر الخلافة الراشدة بمسمىٰ «عصر سعادت»، فصرتُ كلما سمعت أو قرأتُ كلمة السعادة، تذكّرتُ تلك اللحظة. وهي لحظاتٌ كنتُ فيها في سرورٍ وبهجةٍ، علىٰ الوحدة التي شعرتُ فيها ذاك العام، عام قدمتُ إلىٰ تركيا، وقد كان مقدمي إليها حلماً تمنّيته علىٰ ربي لو يُتَحقّق، وطال أملي فيه، وشعرتُ أني سأذهب لا محالة، لم أكن لأشكّ في ذلك لحظةً، رغم ما كانت يعيقُني عن ذلك المطمح من مشغلات الحياة المعتادة، إلَّا أنّني شعرتُني أسير في بعض ضواحي اسطنبول، وفي طرقها وأزقّتها، وأن أصل جامع آيا صوفيا، والذي كنتُ أسمّيه دوماً جامع آيا صوفيا رغم أنّه حينها كان متحفاً، ظل عليه قرابة 85 عاماً أو نحوها، وأن أصل إلىٰ جامع السليمانية، وأزور سور اسطنبول، وبرج غلطة، وجزر الفتاة، ومكان تصوير مسلسل الحفرة Çukur الكائن في حي بلاط.. وقد زرتُ كلّ هذا، وأكثر حتَّىٰ، وكنتُ حينها معلّقاً نفسي ...