جلسة ليوانيّة مع كتاب مشكلة الحريّة لزكريا ابراهيم
هل الحرّيّة مناطها أن تصنع ما بدا لك؟ إن كان كذلك فإن أرادتك علىٰ نحوٍ ما لا تقدم إلا علىٰ ما هو حقيقٌ بجلب اللّذة، وتحقيق المنفعة، فهل مثلاً إرهاق نفسك علىٰ الدراسة، أو صرفها إلىٰ الكدّ والتّعب في العمل هو حرّيّة؟ نعم، ربما تقول هي حرّيّة. ولكن أخبرني ما الذي يجبرك علىٰ أن تجلب لنفسك التّعب؟ أما كان أجدىٰ بك أن تؤول إلىٰ الراحة والدّعة، فهذا منىٰ النّفس وغايتها، ورجاء أمرها، ومناط وجودها، أنّها تحبّ الكسل، وتأوي إلىٰ الراحة والسّكون. علىٰ أنّنا لا ننفي عنك اختيارك للدراسة من أجل الاختبار، أو العمل لأجل لقمة العيش الحرّيّة والإرادة، بل الحقّ كل الحقّ لك في تقرير هذا إلىٰ معنىٰ الحرّيّة. وما أودّ قوله: أن الحرّيّة متفاوتة الأثر من شخصٍ إلىٰ آخر، ومن وضعٍ إلىٰ قرينه، ومن زمانٍ إلىٰ غيره، وهكذا دواليك. وإنّا فوق ذلك، لو أردنا مثلاً قياس أثر الحرّيّة أو شكلها ولونها وحجمها ومدىٰ تأثيرها فسنجدنا عاجزين عن ذلك قاصرين، ”فما الحرّيّة بشيءٍ يمكن تحديد وجوده، بل هي إثباتٌ للشخصيّة وتقرير وجود الإنسان، فهي ليست موضوعاً يُعاين بل هي حياة تُعانىٰ، وربما كان مَثَلُ الحرّيّة كمثل الحركة؛ فإن كلّا