الوظيفة= خاتم سليمان



هذه التي تُسمىٰ مواقع التواصل الاجتماعي، قد أعانت من كان له علمٌ ينفع، وقلمٌ يشفع، ورأيٌ يَردع أن يُشتهر بين الناس، فلا يخفىٰ ذكره، ولا يُنسىٰ أمره. وصار أن علمهُ بين الناس بائنٌ، فينتفع به القاصي والداني، ولا يلقىٰ منه من يقطن في مشارِق الأرض إلىٰ كصاحبه الذي في مغارِبها.
علىٰ أن ذاك النفع، وهذا الإصلاح الذي بُعِث به الإنترنت، وصار خير معلّمٍ، وخير مدرسةٍ وجامعةٍ؛ لا يكون منه ذاك الخير إلا كما يكون الشر. فإنّك لترىٰ أعاجيباً من البشر، كانت عقولهم مستورةً عليهم في منازلهم، لا يطلع علىٰ غثائها إلا أهله وعشيرته، ولربما أهل حيّهٍ وقريته ومدينته. أي أن شرّه ذاك يقتصرُ علىٰ بقعةٍ جغرافيةٍ محدودةٍ؛ لا تصل إلىٰ أبعد من ذلك. ومعالجة ذاك الغثاء أهون حملاً وأخف ثقلاً، فما هو إلا أن تصبّحه أو تمسّيه علىٰ آياتٍ من الذكر الحكيم، فيذهب رائيه (الجن) منه، أو حسبك أن تُلقّنه مكارم الأخلاق، وتردع حجّته المتهالكة بقليل من قواذع الكلام، أو سياطٍ يُعدّ لأمثاله، يسري علىٰ جنباته، فيمتنع اللسان عن قرحه ذاك.

فإن أوْقُوه المهالك وهو في بيتهِ قبل أن يبلغُ من العمر مبلغاً؛ كانت كما قيل "الوقاية خيرٌ من العلاج". ولا أدري كيف تعالج بعدئذٍ جاريةً تقول:
ارتفاع نسبة الطلاق لدى الموظفات تشرح الصدر وتسر الخاطر. تخيلوا ان هالنسبة الكبيرة كلها كانت سابقًا تتحمل الإهانة والإيذاء بسبب عجزها عن شيل نفسها! التعليم والإستقلال المادي اسلحه ، بدونهم انتِ دولة بلا جيش.

دعك من سفاهة قولها، ومن سلاكة كلامه، واعوجاج منطقها.. إذ غاضني منها أنها تضع التنوين قبل الألف، أعلم أن المدرسة المصرية تحتّم ذلك، وتراها علىٰ هذا الشكل، ولكنني أكرهه. ثم ما بالها عفت (الاسلحه) من التعجيم، فلا أهمزت ألفها، ولا تقّطت تاءها. كان أحبّ إلي أن تتطلع علىٰ الإملاء أقلها، وأن لا تتهرب من حصص اللغة العربية في صغرها.. ولا أدري أكبرت هي وقد صغرت عقله فإن كانت في الثلاثين من عمرها؛ فهذا برهانٌ علىٰ أن نقصان العقل لا يحدّه عمرٌ، ولا يُزان من جاهٍ.

أرأيت ذاك الغثاء، أحسب أنها وقد كشفت حجابها عن بعض غرّتها، فانكشف شيئاً من يافخوها، فظهرت أقوالاً إن أخذناها علىٰ محملين، فأولها أنّه بان لنا فراغ عقلها ذاك، فما أرىٰ أمرها ينطوي تحت حديثه ﷺ: ‏‎”ناقصات عقلٍ ودين“= حاشا.. إذ أحسبها لا عقل لها ولا دين. أمّا ثانيها فلا أراها إلا كعانسةٍ رأت قبيلاتها وقد هنِئْن في حياتهنّ، وسعدن مع أزواجهنّ، وصارت حياتهنّ إلىٰ ما يُتخيّل من عيشِ ساندريلا وصويحباتها. فكأن الحاسد لا يستقيم له حاله حتىٰ يجعل محسوده علىٰ صعيده في المعاناة، لا أن يصبو إلىٰ درجته من السعادة. وهذا أمره في قديم الزمان وقادمه، فإن الحسد أول ما يُهلك صاحبه قبل المحسود، فإنه وقد كره حياته -وهي واقع لا محالة- شقيَ فيها حتىٰ تتغير إما للأسوء أو للأحسن. وعذابه ذاك مرتهنٌ بحشر أنفسه في كل موضوعٍ، وإلفات ناظريه لكل منظر. ما يعذّب إلا نفسه، ولا يشقي إلا روحه.

أخبرني أيفرح الإنسان بالتفريق بين اثنين، ما علمتُ من ذلك فَرِحاً إلا إبليس لعنه الله، إذ يحكي لنا عظيمنا ﷺ فيقول: ‏‎”إنّ إبليسَ يضعُ عرشَه علىٰ الماء، ثم يبعَث سَراياه، فأدناهم منه منزِلةً أعظمُهم فتنةً، يجيء أحدهم فيقول: فعلتُ كذا وكذا، فيقول: ما صنعتَ شيئاً. قال: ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركتُه حتى فَرَّقتُ بينه وبين امرأتِه، قال: فيُدنِيه منه ويقول: نعم أنت“
نعم أنتِ.. صنعتِ أشياءً، ولم أدري أعملكِ مثل السحرة أم عمل السحرة مثلكِ: ‏‎”وما أُنزِل علىٰ الملكين ببابل هاروتَ وماروتَ وما يعلّمان من أحدٍ حتىٰ يقولا إنما نحنُ فتنةٌ فلا تكفُر فيتعلمونَ منهما ما يُفرّقون به بينَ المرءِ وزوجه..“

وأعظم الخطب أننا نحن الذين نُشهِر تلك النويقصات، وأصاحبهن من الرخويين، الذي رأوا في كلامها مصيدةً يصيدون بها أخرىٰ من القوارير، فيضعونهنّ في حبائل كلامهم، إذ يقولون: نعم، الوظيفة خيرٌ من الزواج.. تخلّي عن الزوج ولا تتركي الوظيفة.. الوظيفة أمان.. يكرهون المرأة المُسأّفة.. السترونغ اندبندت وومن التي تغلب سارومان وصاحبه ساورون وتكسر برجه العاجي ذاك الذي يعلوه عينه، وتبطح الجوكر وأتباعه وفكرته القائلة بفساد الإنسان، وشرّه الحتمي بعد معاناة وتكبّدٍ لاقاه بروس واين منه، ولن يلقىٰ منها ثانوس إلا العنت إن هم بجمع أحجاره، بل ولربما أدّبت الأفنجرز لتراخيهم معه.. وقبيل ذلك من أهل الشرّ الذين لا يصدّهم إلا= السترونغ اندبندت وومن.. ووظيفتها تلك التي تُنقذها من عواصف الزمن، ونوائب الدهر. صارت تلك الوظيفة خاتم سليمان.

أحبَرَها أبو هاشمٍ الأُمّي، كوتاهيا، تركيا
بكور الثلاثاء ٢١ محرم ٤٥ه‍، ٨ آب ٢٣م 

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنا الذي ما نظر إليّ أحد

شكوىٰ عن الفكر؛ فراغهُ، وتراكمهُ، ومللهُ ويأسهُ

أوَما تدري ما هي ثورتنا السُّوريَّة المباركة؟ ١