مقالة ساخرة: حلولٌ حمزاويّة
في يومٍ من الأيام أَحبّ أخي حمزة (٥ أعوام) أخذ اللوح (الآيباد) من أمّي؛ يلعب به. غير أنه جابهَ أمي ترفُضُ طلبه، وتأبىٰ عليه ما أراد، وهي التي كثيراً ما أجابته لغايته. فما أعجبه رفضها، وما راق له أن يُرد له أمراً، ولا أن يُنهىٰ عن شيءٍ. كان قول (لا) له من نوادر الدهر، وثامنة عجائب الدنيا. فقد صار أمره هذا جللاً، والأصوب تداركه قبل أن يستفحل الخطب، وتأخذها أمي عادةً من الآن فصاعداً. فيصير حمزة وقد كانت خياراته محصورةً بين (نعم) باللون الأخضر و(نعم) باللون الأحمر= فتصير (لا) باللونين.
فاستدرك ذلك، بأن جاء يوماً يطلب اللوحَ من أمي، فرفضت مرةً أخرىٰ. فرضيَ منها بذلك علىٰ غير عادته. ثم بعد لحظاتٍ، أحبّت أمي أن تأخذ اللوح تعطيه لغير واحدٍ من إخوانه. فبحثت عنه فما وجدته، وأوعزت إلىٰ جميع أبنائها بإيجاده، فما وجدوه. ومن بين من صار يبحث عنه؛ حمزة بذاته. بل وصار يلقي اللُّوَم عليها، ويكيل لها العواذل، وصار يُسمعها الكلام بأنها ما تحافظ عليه، وأنّه لو كان عنده لما أضاعه، ولما فُقِد كما الآن. وهو قد بَدت عليه ملامح الحسرة علىٰ ضياعة بحقٍّ كما لو أنّه بحقٍّ قد ضاع.
ثم بعد هُنيهاتٍ، جلس إليها، وقال لها: لو وجدته هل تعطيني إياه ألعب به؟
فقالت له أمي وقد يأست من إيجاده: نعم أفعل.
فقام إلىٰ الغرفة، وأتىٰ به!
أتدرون ما فعل حمزة؟ كان هو من خبّأه، وهو من أتىٰ به. صنع المشكلة وحلّها. هو تماماً كما قيل يجرح ويداوي.
وليس الغريب بأنه استطاع أن يلعب ألاعيب الغرب في اصطناع المشاكل وحلّها، بل الأعجب أنّه استطاع خداع والديه وإخوانه، والبحث معهم علىٰ اللوح؛ وي كأنه ما صنع به شيئاً، وما هو بالذي أخفاه. كان ذا موهبةٍ عاليةٍ، أحسب أن آل باتشينو لو علمَهُ؛ لتركَ دوره في فلم الأب الروحي له، ولو أدرك ليناردو دي كابريو خبره لجعل أوسكاره التي حازها بعد ٢٠ سنةً ونيّفٍ من حياته التمثيليلة؛ له، فقد استحقّها، ونالها بجدارةٍ، وبعرقِ جبينه كدّاً وتعباً. هذا جزاءً له لعِظم تمثيله.
أرأيتُم ما صنع حمزة؟ هذا ما يصنعه الغرب عامةً. فقد قرأتُ منذ سويعةٍ خبراً، لصحيفةٍ ألمانيّةٍ، تقول: أن حالات التحرس والإعتداء الجنسي والجسدي في مسابح برلين الخارجية قد بلغت ٤٨ حالةً. وأن محكمة برلين أوعزت إلىٰ المسابح أن يسمحوا للنسوة اللاتي يُردن خلع الملابس الداخلية التي من الأعلىٰ؛ مساواة لهنّ مع الرجال. فلا يصح أن يُتساوين في الأعمال ويُتركن في غيرها.
زاد هذا من حالات التحرّش لا ريب.. بديهيٌّ أليس كذلك؟ ولكن أتدرون ما الحل الذي وجدته شرطة المدينة، أو شرطة ألمانيا بأسرها؟ حلٌّ بسيط. ليس أن يُفرض علىٰ النساء أقلّها أن يلتزمن بما يسمىٰ (البكيني) الذي يحجب أجزاءً من الجسد. ولا مثلاً أن تُفصَل مسابح الرجال عن النساء. أو علىٰ أدناها أن يُفرض علىٰ النوادي والفنادق والمنتجعات وضع مسابح عائلية، وأخرىٰ للعزاب من الرجال.
لا.. ليس واحداً من هذا. أتدرون ما كان الـ Solution تبعهم؟
كانت زيادة عدد رجال الأمن!
نعم عزيزي القارئ. كما قرأت، زيادة عدد رجال الأمن، الذي يأتي معه زيادة نفقة الدولة، والإنفاق من الخزانة، التي لا تمتلئ إلا بإفراغ جيوب المواطنين؛ كل ذلك من أجلٍ حفنةٍ من دعاة المساواة، وحرّية المرأة، وتحرير النساء من سوق الإضطهاد الذكوري المتعفّن الجشع.. إلخ
هذه بحقٍّ حلولٌ للمشاكل، ليس كما أنتم يا معاشر العرب الرعاع الأجلاف، الذين لا شُغل لكم بالحضارة والتقدّم والتطور.
أيش؟ يفرض دينكم الحجاب والعباءة كي لا ينتشر التحرّش والإغتصاب؟ ويسنّ قوانين رادعةٍ قاسيةٍ علىٰ المتحرّشين! ما هذه المهزلة، أليس لو أنّكم زدتم عدد رجال الأمن كان أحسن. فربما بذلك أيضاً قلّتِ البطالة بين السكّان.
أرأيتم أيها الرعاع الأجلاف، كيف أن حلول القديسيين البيض تأتي كما لو ضُرب عشرطعشر عصفور برملةٍ واحدة.
أما تريد بلداً آخر يضرب عشرطعشر عصفور برملةٍ واحدة؟ دونك الولايات المتّحدة الأمريكية. أرادت أن تقلّل من البطالة، وتقلّل من تكدّس أسلحة الشركات الأمريكية لتصنيع السلاح، وترفع بعض أسعار النفط لتكسب هي قليلاً¹، وتسرق بعض الآثار، والنفط، والذهب، وعلماء الفيزياء والذرة الجدد، وتضع لها قواعد عسكرية في المنطقة، وتخلّص إسرائل من خطر وجود دولة ذات جيش قوي في منطقة الأرض الوسطىٰ². فما العمل يا ماما أميركا؟
الحل بسيط، شن هجوم علىٰ العراق، وتدمير بنيتها التحتية، وإضعاف شعبها، وخبط أعراقها وطوائفها ببعضهم البعض، وتقسيمها إلىٰ عدّة أجزاء، وإرساء قواعد عدو ذا البلد فيه بعد أن حاربه لثمان سنين.
أرأيتم يا أجلاف يا رعاع كيف تكون الحلول؟ بسيطة إلىٰ هذه الدرجة.
تذكّرت صورةً مضحكة مختصرة رأيتها ذات مرّة تقول:
الألمان: مشكلة -› حل
الأمريكان: مشكلة -› أسلحة -› حل
الروس: مشكلة -› اعتقال -› حل
الصينيون: لا توجد مشكلة
الإنجليز: مشكلة -› وقت الشاي -› حل
الإيرلنديون: مشكلة -› خمر -› خمر -› أيضاً خمر -› لا يوجد حل
الإسبان: مشكلة -› نوم -› مشكلة
الطليان: مشكلة -› سباگيتي -› حل
السويسريّون: مشكلة -› اقتراع -› إجابة
البلجيكيون: حل -› مشكلة
الفرنساوية: مشكلة -› مظاهرات -› شغب -› تخريب -› مشاكل
الإتحاد الأوروبي: مشكلة -› تقارير -› تقارير -› تقارير أبديّة
وإذ أردنا أن نعدّل علىٰ هذه القائمة، فتكون بجعل الألمان يختلقون المشكلة، ثم يشرعون في حلّها.
ونضيف مثلاً إليها أعراق الأُمّة إلىٰ القائمة بقولنا:
العرب: مشكلة -› نأكل مقلوبة -› ننام -› لا نحلها
الترك: مشكلة -› ننظر إلىٰ الغرب -› نقلّدهم -› نجد الحل -› لا نريد اللاجئين
الفرس: مشكلة -› نخلع الحجاب، ونسب الدين -› نجد الحل -› الحضارة الساسانية كانت لتحلها
البربر: مشكلة -› الأندلس حضارة أمازيغية
الكورد: مشكلة -› مزيد من المشاكل
لا تحسبنّ هذا جَلْداً للذات.. لا، إنما هو الواقع بعينه. وجدتُ أننا أعراق أمّة الإسلام الأساسية: عرب، فرس، ترك، كورد، بربر بارعون في اختلاق المشاكل= وياليتنا نجد حلولاً.
أحبَرَها أبو هاشمٍ الأُمّي في كوتاهيا، تركيا
صباح الخميس ٨ صفر ٤٥ه الموافق ٢٤ آب ٢٣م
أحبَرَها أبو هاشمٍ الأُمّي في كوتاهيا، تركيا
صباح الخميس ٨ صفر ٤٥ه الموافق ٢٤ آب ٢٣م
ـــــــــــــــــــــــــ
¹: ملاحظة: الولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة الأولىٰ في تصدير النفط في العالم. نعم كما سمعت.
²: يسمّيها الناس الشرق الأوسط، وأنا أسمّيها الأرض الوسطىٰ، إذ أن أرضي لا يُحدد موقعها بناءً علىٰ طاولة تشرشل.
¹: ملاحظة: الولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة الأولىٰ في تصدير النفط في العالم. نعم كما سمعت.
²: يسمّيها الناس الشرق الأوسط، وأنا أسمّيها الأرض الوسطىٰ، إذ أن أرضي لا يُحدد موقعها بناءً علىٰ طاولة تشرشل.
تعليقات
إرسال تعليق